الجمهورية اللبنانية
مبادرة الشفافيّة في الصناعات الاستخراجيّة هي عبارة عن معيارٍ عالميٍّ يشجّع على الحوكمة الرشيدة في قطاع الصناعة الاستخراجيّة، تنفّذه أكثر من خمسين دولةٍ حول العالم، ما يتطلّب كشف المعلومات عن سلسلة القيمة المرتبطة بالصناعة الاستخراجيّة، يديره مجلسٌ عالميٌّ يضمّ حكومات وشركات ومجتمع مدني.
وبما أنّ هذه المبادرة تخضع لإدارة الحكومة، تعترف الحكومة اللبنانيّة بهذا النموذج كأداةٍ لإضفاء صفة رسميّة على التمثيل والمشاركة الشاملة من جانب مختلف أصحاب المصالح في قطاع البترول، ولاستكمال الإطار التشريعي القائم، ما يعزز الشفافيّة من خلال قنوات متنوّعة إلى جانب شروط كشف المعلومات.
على أي بلد ينوي تنفيذ مبادرة الشفافيّة في الصناعات الاستخراجيّة أن ينفّذ عدداً من الخطوات قبل طلب العضويّة في المبادرة. ترتبط هذه الخطوات بالتزام الحكومة (1.1)، والتزام الشركات (1,2)، والتزام المجتمع المدني (1.3)، وإنشاء مجموعة أصحاب المصالح المتعدّدين (1.4)، والاتّفاق على خطة عمل لمبادرة الشفافيّة في الصناعات الاستخراجيّة (1.5).
المتطلّب 1.1: على الحكومة أن تصدر بياناً عامّاً قاطعاً يعبّر عن نيّتها تنفيذ مبادرة الشفافيّة في الصناعات الاستخراجيّة، وتعيين مسؤول كبير يقوم بإدارة تنفيذ هذه المبادرة، وأن تكون مشاركة بشكلٍ كاملٍ وناشطٍ وفعّالٍ في عمليّة المبادرة، وتضمن أنّ كبار الموظّفين الحكوميّين ممثّلين في مجموعة أصحاب المصالح المتعدّدين
المتطلّب 1.2: على الشركات أن تشارك بشكلٍ كاملٍ وناشطٍ وفعّالٍ في عمليّة المبادرة، ويجب توفير بيئة ممكّنة لمشاركة الشركات، وعلى الحكومة أن تضمن عدم وجود أيّة عراقيل تعيق مشاركة الشركات في عمليّة المبادرة.
المتطلّب 1.3: على المجتمع المدني أن يشارك بشكلٍ كاملٍ وناشطٍ وفعّالٍ في عمليّة المبادرة، ويجب توفير بيئة ممكّنة لمشاركة المجتمع المدني، وعلى أًصحاب المصالح أن يتمكّنوا من المشاركة بدرجة كبيرة في عمليّة المبادرة.
المتطلّب 1.4: على الحكومة أن تعمل مع المجتمع المدني والشركات وعليها أن تعيّن مجموعة أصحاب مصالح متعدّدين للإشراف على مبادرة الشفافيّة في الصناعات الاستخراجيّة.
المتطلّب 1.5: على مجموعة أصحاب المصالح المتعدّدين، بالتشاور مع أصحاب المصالح الأساسيّين في المبادرة، أن توافق على خطّة عمل تُحدَّد تكاليفها بالكامل وتضمّ أهدافاً قابلة للقياس مع جدولٍ زمنيٍّ خاص للتنفيذ، مع نشر خطّة العمل هذه.
في 25 كانون الثاني 2017، اجتمع مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، وقطع التزاماً قاطعاً لدعم الشفافيّة. وقد أصدرت الحكومة بياناً عامّاً لا لبس فيه لإعلان نيّتها الانضمام إلى مبادرة الشفافيّة في الصناعات الاستخراجيّة. وقد تمّ تعيين وزير الطاقة والمياه مسؤولاً (champion) عن هذه المبادرة، أمّا هيئة إدارة قطاع البترول فقد تمّ تعريفها على أنّها "أمانة سرّ وطنيّة" تدير عمليّة تنفيذ المبادرة.
ومؤخّراً، خلال انعقاد المؤتمر الدولي للمبادرة في باريس في حزيران 2019، كرّرت الهيئة – بإسم الحكومة اللبنانيّة – التزامها الوطنيّ بالانضمام إلى مبادرة الشفافيّة في الصناعات الاستخراجيّة، فيما كانت تعمل بالتعاون مع أصحاب المصالح لتسهيل عمليّة الانتخاب في منظّمات المجتمع المدني.
منذ البداية، تعتمد الهيئة نهجاً تشاركيّاً مع منظّمات المجتمع المدني. مثلاً، تقوم الهيئة بالشراكة مع منظّمات دوليّة، مثل معهد حوكمة الموارد الطبيعيّة (Natural Resource Governance Institute) ومنظّمة أنشر ما تدفع (Publish What You Pay) اللّتَيْن نظّمتا ورشات عمل متعدّدة لدعم بناء القدرات لدى الجهات المعنيّة، مع التشجيع على حوار مستنير. في آذار/مارس 2019، وجّه وزير الطاقة والمياه دعوة عامّة إلى منظّمات المجتمع المدني لتجري عمليّات الاقتراع الخاصّة بها بصورة فرديّة. تمّ نشر الدعوة المفتوحة والشفّافة على الموقع الإلكتروني الخاص بالهيئة ومن قبل منظّمات عالميّة تسهّل تنفيذ المبادرة.
واليوم، يبقى ترشيح لبنان للعضويّة في مبادرة الشفافيّة في الصناعات الاستخراجيّة معلّقاً ومشروطاً بإجراء عمليّة الانتخاب الفرديّ في المجتمع المدني بهدف اختيار الممثّلين عنهم في مجموعة أصحاب المصالح المتعدّدين في المبادرة.
إنّ كشف المعلومات منهجيّاً من خلال الأنظمة الحكوميّة هو في صميم المبادرة. فالإطار التشريعي اللبناني، عبر قوانينه ومراسيمه التطبيقيّة واتّفاقيّات الاستكشاف والإنتاج، يضع الكشف المنهجيّ للمعلومات في صميم إدارة قطاع البترول. وبالنتيجة، إنّ الشروط التي تحدّدها المبادرة للكشف المنهجيّ عن المعلومات، وتحصيل الإيرادات، والتدقيق، ورفع التقارير، وتضارب المصالح، وملكيّة الانتفاع، هي أصلاً ملزمة قانوناً على طول سلسلة القيمة في الأنشطة البتروليّة.
إلى جانب الإطار القانوني القائم للنفط والغاز في المياه البحريّة، تشمل بعض القوانين المصادق عليها ما يلي:
ثمّة نموذج آخر يحدّد سوابق في هذا الإطار ويظهر التزام لبنان بالشفافيّة، هو القرار الصادر عن وزير الطاقة والمياه في آذار 2018، بعد مرور فترةٍ وجيزة على توقيع اتّفاقيّتَيْ الاستكشاف والإنتاج، إذ يقضي هذا القرار بنشر العقود الموقّعة. هذه العقود منشورة على الموقع الإلكتروني للهيئة. تمّ تعديل معيار مبادرة الشفافيّة في الصناعات الاستكشافيّة في حزيران 2019 ليشمل بند نشر العروض كشرط لكلّ الدول الأعضاء في المبادرة.
ملكيّة الانتفاع – أشخاص من لحمٍ ودم يتولّون إدارة الشركات الحاصلة على تراخيص أو الشركات المشغّلة في صناعة الاستخراج – وهي مسألة أخرى حسّاسة في المبادرة يحرز فيها لبنان تقدّماً كبيراً. ابتداءً من العام 2020، على كافة الدول الأعضاء في المبادرة أن تشترط الكشف عن المالكين المنتفعين لكلّ الشركات الحاصلة (أو طالبة الحصول) على رخصة نفط أو غاز أو تنقيب أو الشركات المتعاقدة في بلدها. يملك لبنان مشروع مرسوم لمعالجة هذه المسألة. ملكيّة الانتفاع في قطاع النفط والغاز في لبنان ينظّمه مرسوم تسجيل ورهن ونقل الحقوق البتروليّة الذي لم يصادَق عليه بعد. في هذا الصدد، يعرّف المرسوم ملكيّة الانتفاع، ويضمّ أحكاماً خاصّة بالسجلّ البتروليّ سيُنشر للعموم على الموقع الإلكتروني للهيئة، يعرض تفاصيل معلومات السجلّ البترولي ويسلّط الضوء على التدابير التي يتعيّن اتّخاذها في حال حدوث انتهاك أو خرق لهذا المرسوم، وغيرها.